الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة المنافقون الجدد !

نشر في  18 سبتمبر 2014  (15:07)

لئن تعوّدت في أغلب الأحيان على تخصيص هذه المساحة للشأن الرياضي والتوقف عند بعض المظواهر والأحداث الرياضية، أجد نفسي مُلزما في أحيان أخرى على فتح نافذة صغيرة على ما يحدث في بلادنا بعيدا عن المجال الرياضي ولو أن هذا الأخير لا ينفصل عن بقية المجالات الأخرى نظر لتداخل القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية مع بعضها البعض، وحملها لنفس الهموم أحيانا ولو بدرجات متفاوتة..
اليوم في تونس، يكاد يكون هناك إجماع على سقوط القيم بالضربة القاضية نتيجة تشابك المصالح وسيطرة حب الذات وعودة نعرات العروشية والجهويات، وعندما أشاهد ما يحدث في البلاد من نفاق وخداع وركوب على الأحداث أستحضر المقولة الشهيرة للعلامة والفيلسوف عبد الرحمان إبن خلدون والتي قال فيها«في إفريقية، وافق أو نافق أو غادر البلاد» وهي مقولة أثبتت الأعوام والأيام صحّتها باعتبارها تنطبق تماماً على حالنا وأحوالنا اليوم بعد ان بات النفاق السّمة البارزة في مجتمعنا في كل المجالات تقريبا السياسية والإجتماعية والرياضية، حتّى أصبح ثقافة وحقيقة نصحو عليها وعلى وقعها كل يوم.. ولاشك في أن هذه الظاهرة الخطيرة التي أسقطت كل القيم الإنسانية والحضارية بالضربة القاضية أصبحت تمثّل خطرا حقيقيا على البلاد ومستقبلها ونحن على أبواب انتخابات تشريعية ورئاسية يتوقّف عليهما مستقبل تونس وأمنها واستقرارها، فبعد أن تحوّل المجلس التأسيسي إلى سوق عكاظ تُباع وتُشترى داخله الأصوات والإمضاءات انطلقت العديد من الأحزاب في عملية حشد الناس ورائها بكل الطرق والوسائل، لا يهمها إن كان هذا التأييد بالاقتناع أو بالرياء أو بالخوف والترهيب، وهو ما يعني آن السّاسة هم المسؤولون بدرجة كبيرة عن ثقافة الكذب السائدة في المجتمع، لأنهم يسعون لحشد المتسلقين والانتهازيين وبعض الأصوات والأقلام المأجورة التي تبثّ أو تنشر المقالات التي تقطر نفاقا وكذبا..
لقد أكدت الأحداث الأخيرة وعملية التسابق والتكالب على الكراسي وعلى القائمات الانتخابية والتحاق أشخاص بأحزاب وقائمات لا تتماشى في كثير من الأحيان مع ميولاتهم السياسية وحتّى الإيديولوجية أن الغاية تبرّر الوسيلة وأن كل شيء يهون لدى هؤلاء من أجل تحقيق المصلحة الخاصة والوصول إلى السلطة ولو كان ذلك باستعمال التمويه والتظليل والكذب والخداع والإنبطاح والتشدّق بالوطن والوطنية في خطاباتهم وحملاتهم للتلاعب بمشاعر الناس وعواطفهم..
إن هذه الفئة من السياسيين تتصف بالجبن والخداع والكذب، لأنها لا تملك الجرأة على المواجهة والمصارحة واللعب «على المكشوف» بسبب عجزها وعدم قدرتها على لعب دور مستقل، لذلك تجد نفسها مرهونة بيد أطراف أخرى، لها دور في استمرارية وجودها في هذا الموقع او ذاك. وقد اكتشف الشعب التونسي في الفترة الأخيرة أشخاصا لا حول لهم ولا قوة في واقعهم ومواقعهم أغرتهم الكراسي وأعمت السلطة بصيرتهم والأمثلة على ذلك كثيرة..
هؤلاء المسؤولون الذين تشبعوا بثقافة الجبن والكذب يتحملون مسؤولية تدني المستوى السياسي والأخلاقي في البلاد خصوصا بعد أن شجعت هذه السلوكيات أعداد لا يستهان بها من الناس لاستعمال هذه الأساليب ولتحقيق غايات ربحية ومكاسب مالية بطرق ملتوية وغير قانونية وانتقلنا بذلك من مرحلة النفاق السياسي إلى النفاق الإجتماعي والثقافي وهي ثقافة تدميرية تهدد مؤسسات الدولة وتمس المجتمع في الصميم، لأنها تصدر من فئات يفترض فيها أن تكون إلى جانب المجتمع لا عالة عليه خاصة وأننا نطمح إلى إرساء ثقافة الصدق والالتزام بالأخلاق والمبادئ لا إلى ثقافة المصالح الفردية والأنانية على حساب مصلحة البلاد والعباد..
لقد ثبت اليوم أن هناك نفورا من السياسة والسياسيين لأن الناس لم تعد تثق بهؤلاء وبالجمل الرنانة والشعارات الفضفاضة العسلية، لأنهم يشاهدون بأم أعينهم ما يجري على ارض الواقع من نفاق وكذب وافتراء وخداع ولهث وراء المواقع والمغانم على حساب معاناة الناس وشقائهم، وعلى حساب الوطن وتقدمه ونهضته.

بقلم: عادل بوهلال